الجزء الثالث من المقاربة النقدية في ديوان جناح الليل للشاعر عبدو سلطان گاسمي

اليومية المغربية24 مارس 2023آخر تحديث :
الجزء الثالث من المقاربة النقدية في ديوان جناح الليل للشاعر عبدو سلطان گاسمي

الجزء الثالث من المقاربة النقدية في ديوان جناح الليل للشاعر عبدو سلطان گاسمي

الصورة بين تحدي البصر والمعنى المضمر

تعتبر الصورة المرفقة للديوان من العتبات النصية المحفزة لاقتحام المتن الزجلي ، والمساهمة كمؤشر أساسي في البحث عن المعاني الهاربة وراء الصياغات الفنية الزجلية ، والتي تنهي حيرة القراءة .
ساعتمد في قراءتي البصرية والتأويلية على خطوات الباحثة الفرنسية ألان جولي ، والتي وضعت تصورا أوليا لقراءة الصورة قسمته إلى مستويين :
1/ المستوى التعييني ، او التقريري ، والذي يرصد الايقونات والرسائل اللغوية الموظفة .
2/ المستوى التأويلي ، او الايحائي ، اي تأويل المؤشرات التعيينية وكشف الأبعاد الدلالية التي تنتجها الجمل الزجلية من خلال الصورة الفنية التي هي قوام العمل الابداعي .
فالصورة في الواقع ترتكز على ثلاثة أبعاد : الوصف – التعييين – التاويل .

*الوصف : يقف عند طبيعة الصورة ، وهي هنا في هذا الديوان لوحة مرسومة ، فضاؤها اللوني يتوزع بين الأزرق والأسود هو فضاء يأخذ شكل مربع ، يتقاطع مع عمودين ، الاول بلون أزرق فيه بعض السواد ، والثاني يغطيه السواد .

*التعيين : المستوى التعييني هو مستوى بصري ، يلتقط الايقونات والرسائل اللغوية ، نلاحظ شكل ملائكي ، لامرأة تحمل عصا لها الجناح الأيمن مفتوح والثاني لا يظهر على أنه كذلك ، ربما وقفة المرأة على المرتفع الذي هو عبارة عن صخرة ، يخفي شكله ولا يبين أنه يشبه الجناح الاخر ، وجه المرأة ينظر إلى الأمام على هيئة انتظار وترقب ، في الأعلى قمر مكتمل يرسل بصيصا من الضوء في اتجاه البحر ، أعلى الصورة رسالة لغوية مكتوبة باللون الأبيض ، اسم مؤلف الديوان كتب بخط ديواني لاسم الكاتب والذي يتالف من اربعة عشر حرفا ، الغريب ان هذا الإسم احرفه السبعة الأولى في الجانب الأيمن من الصورة أي الجانب الذي فيه اللون الازرق (عبدو سلط) ، والسبعة الاخرى في الجانب الأيسر ذي اللون الأسود (ان گاسمي) .
تحت هذا الإسم كتب عنوان الديوان ، هو الاخر قسم إلى صنفين ، (جناح) في الجانب الأيمن باللون الأزرق ، و(الليل) وضع في الجانب الذي فيه اللون الاسود .
اسفل الديوان كتب بخط ديواني جنس الديوان ، يتألف من ثمانية احرف (ديوان زجل) ، أربعة في الجانب الأيمن ، في العمود الأزرق (ديوا) ، والاربعة الأخرى في الجانب الأيسر ، في العمود ذي اللون الأسود (ن زجل) .

*التأويل :. المستوى التأويلي والإيحائي يفرض حضور الجانب الأول كي يتم قراءة الصورة والاقتراب من خباياها الفنية والدلالية ، علما ان اختيار الصورة لا يكون اعتباطيا بل له ماقصدياته ، فأول ما يلفت الإنتباه هو حضور الليل بشكل كبير على فضاء الصورة ، القمر ، حضور السواد ، الا ان هذا الليل يخترقه البياض والظاهر على الجناحين وعلى العصا وعلى القمر ، الصورة عبارة عن خطاب مرسمي تعبر عن الرؤية الفنية والموقف الزجلي ، المرأة التي تبسط جناحها كأنها تمده إلى الليل كي يستعين به مع جناحه الاولى كي يطير إلى السماء ، المراة الملاك هي الحروف الزجلية ، هي الحلم الذي يبحث عنه الزجال الشاعر ويقتفي أثره ، انها المخيلة الزجلية التواقة إلى الحقيقة الغائبة في عوالم الصمت والقهر الفكري .
فالصورة قسمت إلى عالمين ، عالم أزرق ، البحر ، السماء ، وعالم أسود ، وبين العالمين ،اللون الأبيض الذي يرمز إلى الأمل ، ويظهر في الرسائل اللغوية التي تعتبر الحقيقة الكائنة ، كما يظهر على الجناحين لانهما وسيلتا تحليق ، والغريب أن هذين العالمين قسما كذلك إسم المؤلف ، وعنوانه ، وجنسه إلى قسمين، بمعنى أن هذا التقسيم يكون على مستوى الذات الزجالة والشاعرة ، وسيتبين ذلك من خلال المتن الزجلي الذي يؤسس لعالمين بشكل صريح وضمني .
عالم الليل بجميع مشتقاته والذي يعتبر المحرك الأساسي للفعل الزجلي وعالم الضوء الذي يحضر ضمنيا او بشكل صريح ، فهناك الملاك الذي يبشر بالخير ، وهناك القمر الذي ينير الظلام ، بمعنى أن الأمل قائم كأساس وجودي .
الليل يسكن الزجال الشاعر وهو يسكنه ، يعيش معه ويعيشه في دواخله ، يصبح الليل رمزا زمنيا ووجوديا ، منه يستقي عبدو أفكاره وفيه يعيش الحلم الذي يبحث عنه في متنه الزجلي هذا الليل الذي تتغير دلالته وفق السياق الزجلي الموظف فيه بتغير الحالة النفسية والشعورية ،وبتغير الرؤية الزجلية والموقف المبني عليها.

الناقد الاستاذ : حسن بوسلام / المغرب

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق